آخر المواضيع

    الاثنين، 21 أبريل 2025

    السفيرة مدينة الظل التي أشرقت في وجه الطغيان

     السفيرة مدينة الظل التي أشرقت في وجه الطغيان

    السفيرة مدينة الظل التي أشرقت في وجه الطغيان

    السفيرة مدينة الظل التي أشرقت في وجه الطغيان


    قصة مدينتي المتعَبة أكتبها لكم اذ كنت احد الشهود على هذه الأحداث التي عصفت بها.

    في قلب ريف حلب الجنوبي الشرقي ترقد مدينة السفيرة المدينة السورية التي حملت على ترابها قصص التهميش والألم والمقاومة ثم الأمل رغم بعدها عن الأضواء وتجاهل الإعلام إلا أن ما جرى فيها خلال السنوات الماضية يستحق أن يُكتب بماء القلب لا بالحبر فقط


     تهميش ممنهج قبل الثورة


    قبل عام 2011 عانت السفيرة من الإهمال المتعمد والتهميش الواضح من قبل نظام بشار الأسد لم تُمنح المدينة أي نوع من التنمية أو الخدمات بل عاشت في ظلال الإقصاء السياسي والاجتماعي مما أدى إلى حالة من الاحتقان الشعبي المكبوت

    ويرجح السبب الرئيسي لهذا التهميش إلى قرب المدينة من "معامل الدفاع" تلك المنشأة العسكرية التابعة لنظام البعث حيث تُصنّع الأسلحة والذخائر والمواد الكيميائية وكان هذا سببًا لحرمان السفيرة من مقومات الحياة الكريمة


     حين نهضت السفيرة 


    مع انطلاق الثورة السورية لم تتأخر السفيرة عن اللحاق بركب الكرامة خرج أهلها في مظاهرات سلمية يطالبون بالحرية والعدالة لكن النظام كعادته واجه هذه الأصوات بالنار والحديد وأرسل الشبيحة وقوات الأمن لقمع المحتجين ورغم ذلك تغلبت إرادة الثوار وحرروا المدينة مؤقتًا، وطردوا الأجهزة الأمنية منها


    الانتقام من المدنيين


    ما بين عامي 2012 و2013، شن النظام حملات قصف همجية على المدينة، مستخدمًا الطائرات الحربية والمروحية، بالإضافة إلى المدفعية الثقيلة المتمركزة في جبل الواحة اُستخدمت القنابل العنقودية، والصواريخ الفراغية، والبراميل المتفجرة، لتُمطر المدينة بالقذائف وتستهدف المدنيين العزل، مما أسفر عن استشهاد قرابة 1800 مدني من الأطفال والنساء وكبار السن.


     المعارك على طريق السفيرةخناصر : طريق الموت


    على طريق السفيرة خناصر دارت معارك ضارية وشرسة قلَّ نظيرها في تاريخ الثورة السورية كانت مواجهة بين أبطال الثورة ونظام الأسد وشبّيحته، إلى جانب الميليشيات الإيرانية المدعومة من إيران وحزب الشيطان حزب الله اللبناني


    الأرض المحروقة والنزوح الجماعي


    في بداية 2013، أرسل النظام رتلًا عسكريًا ضخمًا من حماة باتجاه خناصر وصولًا إلى السفيرة. استخدم سياسة "الأرض المحروقة" ودمّر القرى الواقعة على الطريق، ونكّل بأهلها، حيث ارتُكبت مجازر مروّعة: قُتل الناس، وأُلقيت جثثهم في الآبار، وأُحرقت أجسادهم تم توثيق هذه الجرائم بالصوت والصورة من قبل مركز السفيرة الإخباري، وشهد بذلك من فقدوا أبناءهم وذويهم


    المجازر


    شهد هذا الطريق مجازر عدة، اذ أطلقنا عليه اسم طريق الموت نعم عائلات بأكملها أُبيدت بسبب القصف العشوائي للنظام المجرم بعض الأهالي اعتقدوا أن بقاءهم في قراهم سيجعل النظام يرحمهم، أو ربما يحميهم، لكن ما حدث كان عكس ذلك تمامًا فحين دخل النظام قرى ريف السفيرة، نكّل بالأهالي وقتلهم عن بكرة أبيهم


    اخبركم عن الفظائع التي ارتكبها النظام، مثل مجزرة المزرعة في 3 يوليو 2013، حيث قُتل 70 شخصًا بينهم أطفال ونساء، وتم رمي بعضهم في آبار القرية وحرق آخرين داخل المنازل


    قرية رسم النفل : هذه القرية كانت شاهدة على واحدة من أفظع المجازر ففي يوم واحد فقط، قُتل فيها 208 أشخاص إما رمياً بالرصاص، أو حرقًا، أو رميًا في الآبار 


    في منطقة البوز وقرية الجبين :  دارت معارك ضارية وكذلك في إم عامود حيث ارتكب النظام فيها مجازر تندى لها الجبين


    وفي قرية الجنيد : أُحرق عدد من الأهالي ورُمي آخرون في الآبار وتم إعدام البعض ميدانياً ولن أنسى أن اذكر حين كنت انا وزميلي جعفر الجمو في قرية الجنيد نستطلع الرتل المتقدم باتجاه معامل الدفاع، فقتله النظام المجرم واستطعت حينها النجاة.


    قرية القبتين : لا تزال بيوتها شاهدة على الإجرام الأسدي البعثي في هذا الطريق الموحش إذ أن معظم بيوتها تهدمت نتيجة استهدافها وقصفها سواء بالطيران الحربي او المدفعي.


    طريق خناصر السفيرة :


     كان الطريق مسرحًا للكر والفر تارةً في يد الثوار، وتارةً يحتله النظام معارك الاستنزاف كانت مستمرة حتى أواخر عام 2013 حين أرسل النظام رتلًا عسكريًا ضخمًا من حماة باتجاه خناصر وصولًا إلى السفيرة وفي مدينة السفيرة نفسها دارت معارك شرسة استمرت لمدة 27 يوما كان الثوار حينها يدافعون عن مدينتهم وعن مدينة حلب باعتبار أن مدينة السفيرة هي البوابة الشرقية لمحافظة حلب


    لكن بسبب القوة النارية الهائلة واستخدام سياسة الأرض المحروقة تمكن النظام المجرم من احتلال المدينة بتاريخ 31 تشرين الأول 2013، لتبدأ مرحلة جديدة من المعاناة والتهجير


    الاحتلال والشتات


    في نهاية عام 2013، استعادت قوات النظام بدعم من الميليشيات الإيرانية السيطرة على السفيرة بدأت حينها موجة نزوح هائلة إذ غادر أكثر من 200 ألف نسمة من السفيرة وريفها إلى مناطق متفرقة داخل سوريا وخارجها توزع أبناؤها بين الباب الرقة القامشلي، إدلب، تركيا، وأوروبا، وحتى الولايات المتحدة ولم تَخلُ دولة إلا وفيها من أبناء هذه المدينة المنكوبة


    العودة... وخيانة الدم 


    رغم المآسي، عاد بعض الأهالي لاحقًا، لكن من بينهم من انخرط مع النظام، وأعلن ولاءه للشبيحة وساهم في قمع أهله وتبرير جرائم النظام، بل شاركوا في تأسيس فوج مسلح يُناصر النظام والإيرانيين، ضاربين عرض الحائط بتضحيات الشهداء


    والسؤال هنا : اين هؤلاء الذين عادوا وكانوا سنداً للنظام المجرم من الإنسانية؟! أين هم من الأخلاق! اين هم من الدين والضمير والمروءة؟! لقد عاينوا وشاهدوا مافعله النظام البائد وشبيحته في مدينتهم ومع ذلك عادوا إليه وساعدوه وكانوا عوناً له، فبئس الفعل فعلهم


    فجر التحرير : 1 كانون الأول 2024


    في مشهد رمزي عظيم، عادت السفيرة إلى حضن الثورة، وتم تحريرها مجددًا على يد الثوار في 1 ديسمبر 2024 عاد الأحرار إلى مدينتهم ليعيدوا نبض الحياة إليها، مدينة أنهكها الحصار، لكنها لم تنكسر


    العدالة قادمة


    القصاص قادم لا محالة. كل طاغية من أمثال بشار الأسد وأعوانه سيُحاسب، وكل ذلك سيكون عن طريق الدولة والمحاكم والقضاء ونطالب دائماً بالعدالة الإنتقالية فنحن لا ننسى المعتقلين وآلامهم لا ننسى الشهداء لا ننسى الأشلاء التي حملناها بأيدينا لا ننسى العائلات التي أُبيدت بصواريخ الظلم


    إلى الآن اذكر تلك العائلة التي كانت ملتفة حول مائدة الإفطار حين استهدفها النظام المجرم بالصواريخ الفراغية فقتل كل أفراد العائلة، هذه الصورة لا أنساها ولن تغيب عن ذهني.


    مدينة السفيرة ليست مجرد مدينة :  بل هي شهادة حية على أن الظلم لا يدوم وأن الأرض تنبت حرية مهما طال الليل مدينة السفيرة... هي سفيرة الثورة وسفيرة الكرامة وسفيرة سوريا الحرة التي نحلم بها عادلة، نظيفة، خالية من الطغاة والخونة


    السفيرة التي سيبنيها الثوار الأحرار بعون الله لتكون منارة للعلم والمعرفة والثقافة ولتكون محط أنظار العالم أجمع


    كتبه: ابو شادي السفراني

    مركز السفيرة الاخباري


    ليست هناك تعليقات:

    إرسال تعليق

    اترك تعليق لتشجيعنا على الاستمرار دمتم بكل خير مع تحيات شبكة زينو ياسر محاميد