آخر المواضيع

    الجمعة، 28 مارس 2025

    بحث في مسألةَ القول في كلام الرحمن

     بحث في مسألةَ القول في كلام الرحمن

    بحث في مسألةَ القول في كلام الرحمن

    بسم الله الرحمن الرحيم


    الحمد لله رب العالمين، وأفصح الصلاة وأبلغ التسليم على سيد المرسلين وبعد :


    فإن من أجلِّ المسائل العقدية وأعظمها شأناً، وأرفعها قدراً وأخطرها برهاناً، مسألةَ القول في كلام الرحمن، ذلك النور المبين، والذكر الحكيم، والكتاب المستبين. فقد انبرى لها الأفذاذ من العلماء وتصدى لبيانها الأماجد من الفقهاء، وأفنى في تحقيقها الفحول أعمارهم، وبذلوا في نصرة الحق فيها أرواحهم.


    ولقد تجلَّت عظمة هذا الأمر حين قام أهل البدع والأهواء يُثيرون غبار الشبهات، ويُلقون ظلمات الشكوك في نفوس العباد، فزعموا  والعياذ بالله - أن كلام الرب الجليل مخلوق كسائر المخلوقات، فردَّ عليهم أئمة الهدى ومصابيح الدجى بحجج كالشمس سطوعاً وبراهين كالسيف قطوعاً.


    فاعلم - وفقك الله لمراضيه - أن القرآن العظيم كلام رب العالمين تكلم به حقيقةً كما يليق بجلاله وعظيم سلطانه، منه بدأ بلا كيفية وإليه يعود بلا مِرية، وهو صفة من صفاته العُلى، قائمة بذاته سبحانه، متعلقة بمشيئته وحكمته، ظاهرة في خلقه بقدرته.


    وها أنا أسوق من الأدلة أنصعها، ومن البراهين أقطعها، ومن الحجج أنفعها:

    فمن محكم التنزيل قوله تعالى: "وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيماً"، فأثبت لنفسه الكلام إثباتاً، وأكده توكيداً، وزاده بالمصدر تأكيداً، فأي بيانٍ بعد هذا البيان، وأي برهانٍ فوق هذا البرهان؟


    وقال سبحانه : "حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ"، فأضاف الكلام إلى نفسه إضافة الصفة إلى موصوفها، والصفة لا تنفك عن الموصوف، ولا تنفصل عن معروفها، فكيف يكون مخلوقاً ما هو من صفات الخالق العظيم؟


    وإن من عجيب ما وقع فيه القائلون بالخلق أنهم جعلوا كلام الباري سبحانه حادثاً بعد أن لم يكن، فلزمهم أن يكون الرب الجليل لم يكن متكلماً حتى خلق لنفسه كلاماً! فيا لله العجب! أيكون الخالق العظيم عاجزاً عن الكلام حتى يخلقه؟ تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.


    وإن من أعظم أوجه خطورة وبطلان القول بأن القرآن مخلوق ما يلي:


    أولاً : في العقيدة والتوحيد :

    - تعطيل صفة الكلام عن الله تعالى

    - تشبيه كلام الخالق بكلام المخلوقين

    - نفي صفة من صفات الله الذاتية

    - فتح باب الطعن في كمال الله تعالى وصفاته

    - القول بحدوث صفات الله تعالى


    ثانياً : في حرمة القرآن وقدسيته :

    - التهوين من شأن القرآن العظيم

    - جعله كسائر المخلوقات في المرتبة

    - زعزعة اليقين بكونه كلام الله تعالى

    - التجرؤ على القرآن وعدم تعظيمه

    - فتح باب التأويل الباطل لنصوصه


    ثالثاً : في اللوازم الباطلة والمحالات العقلية :

    - لزوم أن الله لم يكن متكلماً حتى خلق لنفسه كلاماً

    - لزوم أن صفات الله تعالى مخلوقة منفصلة عنه

    - لزوم حدوث شيء من صفات الله تعالى

    - لزوم نسبة النقص إلى الله تعالى

    - لزوم مساواة كلام الله لكلام المخلوقين


    ولقد انتصب الإمام أحمد - رضي الله عنه - كالطود الشامخ في وجه هذه الفتنة العظيمة، فصبر على السياط اللاذعة، والقيود المانعة، والسجن الطويل، حتى أظهر الله الحق على يديه، وأعلى به راية التوحيد، وأخمد به نار الفتنة، فرضي الله عنه وأرضاه.


    وإن من بديع ما يُرد به على هؤلاء القوم أن يُقال: أخبرونا عن هذا المخلوق الذي تزعمون، أهو كلام الله حقاً أم لا؟ فإن قالوا: نعم، لزمهم التناقض، إذ كيف يكون المخلوق صفة للخالق؟ وإن قالوا: لا، فقد كذَّبوا القرآن الذي صرَّح بأنه كلام الله!


    فالواجب على كل مسلم :

    - الاعتقاد الجازم بأن القرآن كلام الله غير مخلوق

    - التحذير من هذه المقولة الباطلة وبيان خطرها

    - الرد على شبهات القائلين بها

    - التمسك بعقيدة السلف الصالح

    - نشر العقيدة الصحيحة في هذا الباب


    فاحذر - رعاك الله - من الخوض في هذا الباب بغير علم، أو الولوج في هذا المقام بغير فهم، واعتصم بما عليه سلف الأمة وأئمتها، واسلك مسلك أهل السنة وأعلامها، فإنه أسلم لدينك، وأحفظ لقلبك، وأرضى لربك.


    نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يثبتنا على الحق المبين، وأن يجنبنا مزالق المبطلين، وأن يجعلنا من الراسخين في العلم القائلين: آمنا به كل من عند ربنا. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.


    -رواح 

    https://t.me/r_awah8


    هناك تعليق واحد:

    1. الله يجزاكم الخير ويبارك فيكم

      ردحذف

    اترك تعليق لتشجيعنا على الاستمرار دمتم بكل خير مع تحيات شبكة زينو ياسر محاميد