التحدي الأمني الذي يواجه القيادة السورية الجديدة
الفلول بين الواقع والتجاهل
تشهد سوريا اليوم واقعًا معقدًا يتجلى في انتشار الفلول المسلحة بين الأوساط المدنية، حيث يقوم المقاتلون بإخفاء أسلحتهم في الحقول والمزارع والجبال، ثم يعودون إلى حياتهم اليومية دون إثارة الشبهات. هذه الاستراتيجية تجعل من الصعب على الأجهزة الأمنية والاستخباراتية كشفهم بسهولة، خصوصًا أن هؤلاء الأفراد يحظون بحاضنة شعبية توفر لهم الحماية والدعم.
التحدي الأمني: هل يمكن القضاء على الفلول ؟
من الناحية الأمنية، يمكن التعامل مع هذه الظاهرة إذا كانت محدودة أو فردية، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في وجود آلاف المقاتلين العقائديين المنتشرين بين المدنيين، ما يجعل المواجهة الأمنية التقليدية غير فعالة في استئصالهم بالكامل. القيادة السورية الجديدة تدرك هذه الحقيقة، لكنها تتجنب الدخول في مواجهة مباشرة، إما خشية التبعات السياسية، أو بسبب حسابات داخلية ترى أن المواجهة المباشرة قد تؤدي إلى مزيد من الفوضى والانقسام.
مفاجأة القيادة: تحركات غير متوقعة وانقسامات متزايدة
خلال الأيام الماضية، تفاجأت الحكومة الجديدة بحراك مفاجئ للفلول، تبعه رد فعل قوي من فئات شعبية متضررة قررت التحرك بدافع الثأر. هذه التطورات عززت الانقسام المجتمعي، خاصة في المناطق الساحلية، حيث باتت خطوط التماس بين الفئات المختلفة أكثر وضوحًا. ومع ذلك، يصر البعض على إنكار هذا الانقسام، واعتبار الحديث عنه مجرد "تحريض طائفي"، رغم أنه بات واقعًا ملموسًا على الأرض.
الحلول الغائبة : بين الإنكار والتضليل الإعلامي
المشكلة الحقيقية لا تكمن فقط في وجود الفلول، بل في طريقة التعامل معها. فبدلًا من البحث عن حلول جذرية، تعتمد الحكومة الجديدة على سياسة الإنكار والتعتيم الإعلامي، وإيهام الشعب بأن الأزمة قد انتهت، رغم أن الواقع يشير إلى العكس. إغلاق الملف دون معالجة أسبابه الحقيقية يعني ترك الأزمة تتفاقم مع مرور الوقت، ما قد يؤدي إلى انفجار أكبر في المستقبل.
المستقبل : هل نشهد تحركات فعلية أم تصريحات شكلية ؟
في الأيام القادمة، من المتوقع أن تصدر تصريحات رسمية تتحدث عن "القضاء على الفلول" و"إعادة الأمن والاستقرار"، لكنها ستكون مجرد تصريحات شكلية تهدف إلى التهدئة الإعلامية دون حلول حقيقية. الأزمة لا تزال قائمة، والتجاهل لن يؤدي إلا إلى تفاقمها، ما لم تتبنى القيادة السورية الجديدة مقاربة أكثر واقعية في التعامل مع هذا الملف الحساس.
والله المستعان
✍️ نقله بتصرف: عبدالله نيربي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اترك تعليق لتشجيعنا على الاستمرار دمتم بكل خير مع تحيات شبكة زينو ياسر محاميد