آخر المواضيع

    السبت، 15 مارس 2025

    ازدواجية المعايير بين الخطاب الوطني والممارسة المحلية

     ازدواجية المعايير بين الخطاب الوطني والممارسة المحلية

    ازدواجية المعايير بين الخطاب الوطني والممارسة المحلية

    ازدواجية المعايير بين الخطاب الوطني والممارسة المحلية


    في المشهد السوري المعقد تبرز شخصيات سياسية ودينية تدّعي تبني قيم الوطنية، لكنها في الواقع تمارس سلوكيات تتناقض مع خطابها المعلن. من بين هؤلاء يبرز الشيخ حكمت الهجري  الذي يقدّم نفسه كزعيم وطني ينادي بوحدة سوريا وديمقراطيتها، لكنه في الوقت ذاته يتبنى سياسات محلية تتناقض مع هذه الشعارات.  


    سوريا لكل السوريين.. ولكن السويداء ليست للجميع


    يدعو الهجري إلى وحدة سوريا وكونها وطنًا يتسع لجميع أبنائه بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والعرقية لكن عندما يتعلق الأمر بالسويداء، يبدو أن هذه القاعدة لا تنطبق. فالسويداء، من وجهة نظره، يجب أن تكون حكرًا على سكانها، بل وضمن إطار أكثر ضيقًا لمن يرضى عنهم فقط. هذه الازدواجية تثير تساؤلات حول مدى صدق دعوته للوطنية الجامعة، وهل يقبل أن تُعامل بقية المناطق السورية بنفس المنطق الذي يفرضه على السويداء؟


    دولة مدنية لسوريا.. ولكن مرجعية دينية للسويداء


    في حديثه عن مستقبل سوريا، يروّج الهجري لفكرة الدولة المدنية التي تفصل الدين عن السياسة، وتضمن حقوق جميع المواطنين على قدم المساواة. لكن في السويداء، يصرّ على أن تكون السلطة بيد المرجعية الدينية، وتحديدًا بيد مشيخة العقل التي يمثلها. أي أنه يطالب بدولة مدنية لسوريا، لكنه يُصر على حكم ديني داخل محافظته، مما يكشف عن تناقض جوهري بين خطابه وممارساته


    الديمقراطية لسوريا.. ولكن حكم فردي في السويداء


    الهجري يرفع شعار الديمقراطية ويدعو إلى حكم تشاركي في سوريا، لكنه في السويداء يرفض أي شكل من أشكال المشاركة السياسية، حتى من أبناء طائفته. فبدلًا من أن تكون السلطة موزعة بين ممثلين منتخبين يعبرون عن تطلعات المجتمع، يتمسك الهجري بسلطة فردية يُقصي من خلالها أي صوت لا يتماشى مع رؤيته، مما يحوّل حديثه عن الديمقراطية إلى مجرد شعار يستخدمه لخدمة مصالحه.  


    العلمانية لسوريا.. ولكن المرجعية الدينية للسويداء


    في سياق حديثه عن مستقبل سوريا، يطالب الهجري بفصل الدين عن الدولة، وإرساء قيم العلمانية لضمان حقوق الجميع. لكن عندما يتعلق الأمر بالسويداء، فإنه يريد فرض سلطة دينية تجعل الجميع خاضعين لمرجعيته. هذا التناقض يُظهر أن دعواته للعلمانية ليست سوى أداة ضغط سياسي، بينما هو في الواقع يؤمن بسلطة دينية مطلقة ضمن نطاق نفوذه.  


    الوطنية أم الارتباط بالخارج ؟


    يدّعي الهجري تبنيه نهجًا وطنيًا مستقلًا، لكنه في الوقت ذاته لا يخفي علاقاته الخارجية، التي تشمل قوى إقليمية ودولية تتناقض مصالحها مع المصلحة الوطنية السورية. ومن بين هذه القوى، تأتي العلاقة مع إسرائيل، التي لطالما كانت موضع تساؤل، حيث تشير تقارير متعددة إلى وجود قنوات تواصل غير معلنة بين الطرفين. فكيف يمكن لشخص يرفع شعارات الاستقلال والسيادة أن يستقوي بجهات خارجية لتحقيق مكاسب محلية؟


    الخاتمة: خطاب للاستهلاك أم مشروع حقيقي ؟


    إن التناقضات في مواقف الشيخ حكمت الهجري تثير تساؤلات جدية حول مدى جدية خطابه الوطني، وما إذا كان يسعى فعلًا إلى بناء دولة ديمقراطية عادلة، أم أنه يستخدم هذه الشعارات كأداة لتحقيق نفوذ شخصي وسياسي داخل السويداء. في النهاية، لا يمكن بناء وطن متماسك على أسس الازدواجية، ولا يمكن تحقيق الديمقراطية في سوريا دون تطبيقها محليًا أولًا. فإما أن تكون القيم التي يُنادي بها الهجري مبدأً ثابتًا في كل مكان، أو أن تتضح الصورة بأنه يمارس السياسة بوجهين، أحدهما للاستهلاك الإعلامي، والآخر لضمان بسط سلطته في السويداء.


    والله المستعان ✍️  كتبه: عبدالله نيربي


    ليست هناك تعليقات:

    إرسال تعليق

    اترك تعليق لتشجيعنا على الاستمرار دمتم بكل خير مع تحيات شبكة زينو ياسر محاميد