خطاب الطائفية والشعبوية في سوريا
خطاب الطائفية والشعبوية في سوريا
مقدمة : بين الزعامات المصطنعة ومخاطر المرحلة الانتقالية
في ظل المرحلة الانتقالية التي تعيشها سوريا بعد انتصار الثورة برزت ظواهر مرضية مقلقة تتجلى في تصاعد الخطابات الطائفية والشعبوية التي تحاول استغلال الظروف السياسية والميدانية لتحقيق مكاسب شخصية يحاول بعض الأفراد ممن عجزوا عن تحقيق مكانة اجتماعية أو سياسية عبر الجهد والعمل القفز إلى الصدارة عبر إثارة الفتن واستغلال الأحداث الفردية وإلباسها لبوس الطائفية في محاولة لصناعة زعامات مزيفة تفتقر إلى العمق المجتمعي والشرعية الشعبية
الزعامات المصطنعة واستغلال الحوادث الفردية
تقوم هذه الفئة بتضخيم الأحداث الصغيرة وتحميلها أبعادًا طائفية تخدم مصالحها الضيقة يستخدمون لغة مفعمة بالتهديد والتعالي موجهين إنذارات شديدة اللهجة تنتهي بعبارات مثل وإلا...! مما يساهم في خلق أجواء متوترة ويؤجج الانقسامات داخل المجتمع السوري إنهم لا يقدمون أي فائدة حقيقية لا لأنفسهم ولا لطوائفهم بل يسهمون في تمزيق النسيج الوطني وخدمة أجندات خارجية تسعى إلى تفتيت سوريا وتحويلها إلى دويلات ضعيفة يسهل السيطرة عليها
إرث النظام البائد وأدواته الخفية
ليس من المستغرب أن يجد هؤلاء الطامحون إلى الزعامة دعمًا من فلول النظام البائد الذين يسعون لاستغلال أي فرصة لإعادة إنتاج نفوذهم من خلال تأجيج الصراعات الداخلية إن عودة هذه الأدوات القديمة بواجهات جديدة يشكل خطرًا على مستقبل سوريا حيث يُعاد تدوير خطاب النظام السابق لكن هذه المرة بوجوه مختلفة تحاول التلاعب بالمشاعر الطائفية لتحقيق أهدافها
واجب المرحلة: التهدئة وبناء الجسور
في هذه المرحلة الحساسة ينبغي على الجميع التحلي بالحكمة والعمل على تهدئة النفوس بدلاً من إذكاء نار الفتنة هناك ملايين السوريين الذين فقدوا أحبّاءهم ولا يزالون يبحثون عن مصيرهم في المقابر الجماعية وملايين آخرون هجّرتهم الحرب ودمرت منازلهم هؤلاء يحتاجون إلى خطاب يخفف من معاناتهم لا إلى شعارات جوفاء تثير الانقسامات وتحمل الآخرين مسؤولية كل مأساة.
إن الشعب السوري اليوم بحاجة إلى الوحدة والتكاتف وليس إلى الانجرار خلف خطابات انتهازية لا تخدم سوى أعداء الأمة من يرفعون أصواتهم اليوم بتهديدات شعبوية عليهم أن يدركوا أن الثورة لم تنتصر من أجل تبديل طاغية بآخر ولا لاستبدال استبداد باستبداد مضاد بل لتحقيق العدالة وبناء دولة تحترم جميع مواطنيها.
لا مكان للفوضى.. سوريا دولة القانون
الثورة انتصرت وسوريا اليوم ليست مكانًا للعبث أو لإعادة إنتاج خطابات الإقصاء والتمييز إن من حرر سوريا يملك القدرة على حمايتها ومن أسقط نظام القمع قادر على القضاء على كل محاولات زعزعة الأمن والاستقرار لن يُسمح لمن يسعون لاستغلال المرحلة بتحقيق مكاسبهم على حساب الوطن ولن يكون هناك أي تسامح مع من يحاول إعادة عقارب الساعة إلى الوراء
الجميع في سوريا مواطنون متساوون أمام القانون ولا مجال بعد اليوم لمنطق الفوقية والوصاية على الآخرين من يريد العمل من أجل سوريا الجديدة فليكن مشروعه قائمًا على البناء لا الهدم على الوحدة لا التفرقة وعلى العدل لا الفوضى المرحلة القادمة تتطلب أصحاب الأقدام الثقيلة الذين حملوا عبء الثورة لا المتسلقين الذين يسعون للظهور على حساب تضحيات الآخرين
خاتمة :
لا مستقبل لسوريا إلا بالوحدة ولا أمل في البناء إلا بالابتعاد عن الخطابات الاندفاعية والطائفية آن الأوان للانشغال بإعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار بدلًا من الانجرار وراء مشاريع التقسيم التي لن تخدم سوى أعداء البلاد
سوريا اليوم تحتاج إلى رجال دولة لا إلى زعامات وهمية تحاول سرقة الأضواء على حساب معاناة الناس من يريد أن يكون جزءًا من المرحلة القادمة فليقدم مشروعًا يخدم الجميع وإلا فإن التاريخ لن يرحم من حاولوا استغلال اللحظات المفصلية لتحقيق أمجاد شخصية زائفة والله المستعان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اترك تعليق لتشجيعنا على الاستمرار دمتم بكل خير مع تحيات شبكة زينو ياسر محاميد