قضية التوغل الإسرائيلي في جنوب سوريا
مصالح إسرائيل الاستراتيجية
تُعدُّ قضية التوغل الإسرائيلي في جنوب سوريا موضوعاً معقّدًا يشمل أبعاداً استراتيجية وسياسية وأمنية عميقة إذ تتداخل فيها مصالح إسرائيل الاستراتيجية ومخاوفها الأمنية مع التحولات السياسية والعسكرية في سوريا والمنطقة بأسرها ويمكن تلخيص الأهداف والدوافع الرئيسية لهذا التوغل التاريخي وفي التطورات الأخيرة كما يلي :
1. الأهداف التاريخية والاستراتيجية
• تأمين الحدود وحماية الأمن القومي :
لطالما اعتبرت إسرائيل المنطقة الجنوبية لسوريا (وخاصةً المناطق المجاورة لهضبة الجولان) بمثابة خط دفاع أول ضد التهديدات المحتملة، سواءً من تنظيمات مسلحة أو تجمعات إيرانية. إذ تسعى إسرائيل إلى إقامة منطقة عازلة (أو منطقة أمنية) تمنع دخول قوات أو أسلحة قد تُشكّل تهديدًا على مجتمعاتها الحدودية
• منع توطيد قدرات العدو :
خلال السنوات الماضية شهدت سوريا صراعات داخلية وتغيّرات سياسية أدت إلى تراجع النظام السوري التقليدي، مما خلق فراغاً أمنيًا استغلتَه إسرائيل لطمس أو إعاقة أي محاولات لإعادة تجميع قوات أو تسليح جماعات مسلحة قد تستهدف إسرائيل وفي هذا السياق، فإن التوغل يُعد وسيلة لإضعاف القوى السورية أو شبه السورية (مثل جماعات المعارضة أو التنظيمات المرتبطة بإيران) التي قد تسعى لإقامة قاعدة هجومية أو لنقل أسلحة إلى لبنان أو غزة
• الرد على التدخلات الخارجية :
من ناحية أخرى، تُعتبر بعض العمليات الإسرائيلية ردودًا على تدخلات أو تحركات من قبل قوى إقليمية مثل إيران وحزب الله إذ تسعى إسرائيل لمنع إقامة جسور لوجستية أو عسكرية قد تساعد هذه القوى على تعزيز نفوذها في المنطقة.
2 . التطورات الحديثة والأهداف في سياق 26 فبراير 2025
بحلول هذا التاريخ يتضح من التصريحات الأخيرة والتطورات العسكرية في جنوب سوريا ما يلي :
• فرض وجود عسكري دائم :
أعلن المسؤولون الإسرائيليون عن استمرار التواجد العسكري في المنطقة “لأجل غير مسمى” بهدف الحفاظ على السيطرة ومنع أي تحركات عسكرية من قبل النظام السوري أو التنظيمات المسلحة (كما أوضح وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس وتصريحات رئيس الوزراء نتنياهو) هذا التواجد يُستخدم كضمان لاستقرار الوضع الأمني بالنسبة للمجتمعات القريبة من الحدود
• مطلب “نزع السلاح” من المنطقة :
تطالب إسرائيل بأن تبقى المناطق مثل القنيطرة، درعا، والكسوة منزوعة السلاح، ما يمنع إنشاء قواعد عسكرية أو مستودعات أسلحة من قبل السلطات السورية الجديدة أو الجماعات المسلحة التي قد تُعتبر تهديداً لإسرائيل. وقد تم التأكيد على ذلك في تصريحات نتنياهو بأن لن نسمح بدخول قوات النظام السوري أو جماعات مثل هيئة تحرير الشام إلى الجنوب
• تأمين النفوذ والتواصل مع المجتمعات المحلية :
من جانب آخر، تستهدف إسرائيل إقامة علاقات مع المجتمعات المحلية (كالجماعات الدرزية) لتعزيز نفوذها وتأمين حدودها فالتواجد العسكري إلى جانب إقامة علاقات مع هذه الفئات يُعزز من موقف إسرائيل في المنطقة ويمكّنها من مراقبة أي تحركات قد تطرأ على الخريطة الأمنية.
3 . الأبعاد السياسية والإقليمية
• التأثير على العملية السياسية السورية :
يأتي التوغل الإسرائيلي في إطار تغييرات السياسة السورية بعد سقوط نظام الأسد، حيث سعت السلطات الجديدة إلى إعادة بناء الدولة وفرض سيادتها على كامل الأراضي. ويمثل التوغل الإسرائيلي تحديًا لهذه العملية، إذ يُعتبر تعديًا على سيادة الدولة السورية مما أثار إدانات من المجتمع الدولي وبعض الأطراف العربية والإقليمية
• ردود الفعل الدولية والإقليمية :
أدانت جهات عدة هذا التوغل، معتبرةً إياه انتهاكاً للاتفاقيات السابقة (مثل اتفاق وقف إطلاق النار لعام 1974) ودعوات للانسحاب الفوري وغير المشروط للقوات الإسرائيلية. وفي المقابل، بررت إسرائيل تحركاتها بأنها ضرورية لحماية أمنها القومي ومنع تكرار التجارب التي أدت إلى نزاعات مميتة في السابق
الخلاصة
إن الهدف الأساسي لإسرائيل من التوغل في جنوب سوريا يتلخص في خلق منطقة أمنية عازلة تُمنع من خلالها تجميع القوى العسكرية العدائية (سواء كانت قوات النظام السوري أو جماعات مسلحة أخرى) وتوفير حماية استراتيجية للمجتمعات الحدودية الإسرائيلية وفي سياق 26 فبراير 2025، يتضح أن هذه السياسة قد تطورت لتصبح عملية استيطانية ووجوداً عسكرياً دائمًا يُستخدم ليس فقط لمنع التهديدات الفورية، بل أيضًا للضغط على الجهات السورية والسياسية الإقليمية لإعادة رسم خريطة النفوذ في المنطقة
هذه الأهداف التاريخية والحديثة توضح مدى تعقيد الصراع في المنطقة، وتؤكد أن السياسات الإسرائيلية تتضمن بعدًا وقائيًا واستباقيًا يهدف إلى الحفاظ على الأمن القومي، حتى وإن كان ذلك على حساب السيادة السورية وفقًا لما تعبر عنه التصريحات والممارسات الحالية
طيب الجولان مساحته خمس أضعاف المنطقة العازلة وهو يعتبر ارض سورية محتلة دوليا ..اي ان إسرائيل حسب الحدود المعترف بها دوليا تبعد عن سوريا الحالية حوالي ١٤ كم ، بمساحة ١٢٠٠كم٢ كمنطقة عازلة أخرى خالية من اي قوة سورية؟؟؟؟
ردحذفام أن تحركات إسرائيل كلها التغطيه على احتلاها الجولان؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟