خيانة القلم حين يصبح اهل الفكر اسرى المنظومة الفكرية النمطية
انها سنن الكون وليست مؤامرة ..
نعم علينا قراءة خارطة العلاقات وتأثيرات مراكز القوى في اطار منهج البحث العلمي والدراسة ونعم فان علينا ادراك المعطيات الموضوعية والذاتية المحيطة بجوانب الصراع في المنطقة والعالم ولكن اقول واشدد على القول ان المبالغة في الحديث عن نظرية المؤامرة وإعادة كل ماجرى ويجري الى وجود قوة خفية تدير الكون تقل للشيء كُن فيكون
اقول ان هذا المنطق يحمل في طياته ملامح الكفر والشرك والزندقة والإلحاد لأن المبالغة في هذا الهذيان هو إنكار لوجود الله وقدرته على إدارة الكون وانه هو الذي يسخر الأطراف بارادته وحكمته للوصول الى النتائج فلا يمكن لك ان تنكر سنة التدافع وهي سنة كونية جعلها الله اساسا لإدارة الكون ثم تنسب كل مايجري الى مؤامرة صهيونية امريكية ماسونية
اكاد اجزم ان القطيع ممن يدعون ان الثورات العربية هي نتيجة لمؤامرة صهيوني فيسقطوا عمدا عوامل علم الاجتماع والتاريخ وحركة الكون والطبيعة وسنن التطور الاجتماعي والكوني هؤلاء التيوس ليسوا شبيحة قلم رخيص يشعرون بعزلتهم عن الجماهير فحسب ولكنهم لايحملون ادنى ايمان بسنن الكون التي رسمها الله تعالى بقوله (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ)
هؤلاء القطعان لايفقهون تجارب التاريخ
فحين يصبح اهل الفكر اسرى المنظومة الفكرية النمطية ويسترسل البعض الاخر في تداول احاديث المقاهي فان الامة تدخل في الضلال حيث تعيدني بعض الكتابات الى استذكار ماكنا نقرأه عن حال المجتمعات البدائية التي كانت تسود فيها رؤى واوهام ان قوى خفية هي التي تحرك الكون فذهبوا الى عبادة القمر وبعضهم عبد الشمس واخرين عبدوا النجوم او الحيوانات هكذا هو حال مثقفي اليوم مع الاسف يبحثون دوما عن قوى خفيه تدير حياة الامة فلا يجدوا غير موشح المؤامرة والصهيونية والماسونية
هؤلاء القطعان لايفقهون تجارب التاريخ التي تعلمنا ان مسارات الاحداث التي تشكل انقلابا كونيا غالبا ماتكون خارج سياقات الرؤيا للعامة من الناس واصحاب القرار على حد سواء بل ان بعض الاحداث لم تزل الى الان لم تجد من يرتب معادلاتها ويعيد صياغتها
وبعض الاحداث الكونية العظمى لم يتمكن عقل البشر من ادراكها وتفسيرها فقد كانت بعض تلك الاحداث من البساطة بمكان الى الحد الذي لم تك لتغري احداً بالانتباه اليها وهناك لحظات حرجة في التاريخ تسمى النقطة صفر تصل فيها الامور الى مرحلة اللاعودة وكل الأطراف تكون مأزومة وغير قادرة على اتخاذ القرار وتتلاشى امكانية ادارة قواعد اللعبة وبالتالي لايمكن للمحلل من رسم اي سيناريو لأن كل الاحداث تسير عكس المنطق
فمن ذا الذي كان يعتقد ان صبياً قد كسر اصناما من الحجر سيقلب نظام الكون
كما حصل مع ابراهيم الخليل...!!! ومن ذا الذي كان يعتقد ان طفلا يطفو في مياه النيل سيعود الى حضن الفرعون ،فينجو بعد سنين هو وقومه ليعبروا البحر الاحمر بينما يبتلع البحر فرعون وجنده ؟
ومن الذي كان يتوقع ان رصاصة يطلقها المراهق الصربي (غافريلو برينسيب) الذي لم يكن قد سمع بإسمه أحد حين اغتال ولي عهد النمسا، تلك الرصاصة تكفي لإشعال الحرب العالمية التي غيّرت وجه العالم ومسحت امبراطوريات وأدت الى موت الملايين وتغيير خاطة العالم لمئة سنة
لم يتقبل القطيع فكرة انها قوانين تحكم حركة المجتمع وانهم عاجزين عن ادراك كنهها، ولم يستوعبوا ان العجز عن استيعاب تلك القوانين لايلغي وجودها
ان المشكلة تكمن في عوامل موضوعية وعوامل ذاتية تحيط بالمجتمع وتحكم حركته فعلينا ادراك قوانين حركة المجتمع وتطوره فكما للكون قوانينه كذلك للمجتمع البشري قوانين تتحكم في حركته وان الظواهر التي يخوننا العقل في اكتشاف قوانينها لاتعني انها عفوية او ان الفوضى تحكمها
المجتمع البشري يخضع لقوانين الحركة
ان غياب المنهج العلمي في البحث جعل النخب الثقافية الطفيلية وفقهاء التسول من المثقفين تأخذهم المفاجأة من قيام ظاهرة الحراك الشعبي العربي
وللتعبير عن قصورهم وفشلهم الذريع تهامسوا جهرا وعلانية بان يدا خفية هي من تدير السياسة والكون وحركة المجتمع وبالطبع فان الصهيونية والماسونية حاضرة لكي يلبسوها تهمة المؤامرة فيتحرروا من عقدة الذنب التي تلاحقهم وتكشف عن غباء بعضهم وخيانة البعض الآخر
ان الثابت علميا ان المجتمع البشري يخضع لقوانين الحركة الدائمة وان في المجتمع عناصر تتجاذب او تتنافر وتتفاعل مع بعضها الاخر بطريقة تؤدي الى التأثير المتبادل الذي ينتج عنه التغيير المتواصل
التدافع شرطا اساسيا لدوام الحياة
ولم يغفل القرآن الكريم هذه الحقيقة العلمية فتم تناولها في إطار مايسمى سنة التدافع ( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى العَالَمِينَ )(البقرة: من الآية251 )
اي ان الله سبحانه وتعالى جعل من التدافع شرطا اساسيا لدوام الحياة فجعل سبحانه التناقض بين الاضداد التي تستوجبها سنة التدافع البشري
ان ماذكرناه يقود الى ضرورة ادراك عامل آخر على مستوى عالي من الاهمية الا وهو عامل الزمن فالظواهر الاجتماعية تحمل بعدا زمنيا في اطار سياق تاريخي وان التاريخ يعمل في اتجاه تصاعدي حتمي وان توفر بعض الشروط ونضجها ستؤدي الى تسريع التفاعل مما ينتج عنه انجاز هذا التغيير
ان القول بان الثورات هي نتيجة مؤامرة ماهو الا تعبير على عدم ادراك النخب لشروط الثورة وعدم معرفتهم بقوانين حركة الاجتماع البشري او انهم لايحملون الايمان العميق الصادق بحتمية الثورة وشرعيتها
هؤلاء اليوم يعيشون معركتهم الأخيرة ولذلك فقد اصابهم جنون البقر وانفلونزا الخنازير فصاروا يكشفون عن عريهم الاخلاقي الذي كانوا يسوقونه تحت ستار الشعارات على مدى مئة عام من الخيانة...
السيطره على احد مقرات وحده حماية المراه الكردية من قبل عمليات فجر الحرية pic.twitter.com/ExglDeoVXj
— زينو ياسر محاميد (@ZynwM79922) January 21, 2025
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اترك تعليق لتشجيعنا على الاستمرار دمتم بكل خير مع تحيات شبكة زينو ياسر محاميد