إمارة جبال الألب الإسلامية مثال على حيوية أمة الإسلام
.اسس عدة مجاهدون امارة اسلامية في قلب اوربا
تم تغييب كثير من بطولات المسلمين عنا بشكل مقصود لاطفاء جذوة الجهاد في صدور شباب المسلمين وقطع ماضيهم المجيد عن حاضرهم وابقاء الامه في ياس
إمارة جبل القلال التي يتحدث عنها ابن حوقل فيقول : (ولجبل القلال الذي بنواحي إفرنجة بأيدي المجاهدين عمارة وحرث ومياه وأراض تقوت من لجأ إليهم ، فلما وقع عليه المسلمون عمروه وصاروا في وجوه الأفرنجة والوصول إليهم ممتنع لأنهم يسكنون في وجه الجبل، فلا طريق إليهم ولا متسلق عليهم إلا من جهة هم منها آمنون
ومع عام 906م، نجح المسلمون في بسط سيطرتهم على كامل إقليم بروفانس تقريباً، مستغلين انقسام الدوقيات والإمارات في الإقليم، وذلك بعد أن سعت هذه الدوقيات الفرنجية إلى استمالة إمارة فرخشنيط المؤسسة حديثاً، لمساعدتهم في حروبهم الداخلية
وهو الأمر الذي استغلته إمارة فرخشنيط لتسيطر على كل تلك القوى المتصارعة، ولم تستطع أي قوة في المنطقة الوقوف أمامهم، بحسب ما ورد في كتاب "تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزر البحر المتوسط" لشكيب أرسلان
تم الاشارة الى تلك الدوله بالمصادر الغربية اكثر من العربيه
وهذه الإمارة الإسلامية هي التي تطلق عليها المصادر الغربية اسم فراكسينتوم Fraxinetum وهو اسم القلعة التي كانت قاعدة هذه الإمارة، والراجح أن هذه القلعة كانت تقع في نفس الموقع الذي تقع عليه حاليا قرية جارد فرينيةLa Garde-Freinet
تقع في سفوح جبال الألب في جنوب فرنسا، إلى الشمال من ميناء طولون الفرنسي. ويرجع تأسيس هذه الإمارة إلى جماعة من المجاهدين المسلمين الأندلسيين يقدر عددهم بعشرين مجاهداً ، قذفت الريح بمركبهم فرسوا في سنة ٢٧٨هـ/٨٩١م على ساحل بروفانس Provence في خليج سان – توربيس Saint-tropes
وكان بعض حكام تلك البلاد يستعين بهم على بعض، وصاروا يُنصَرون بالرعب، وأصبح الفرد الواحد منهم لا يُبالي أن يُلاقي ألفًا، فما مضت بضع سنوات، حتى صار لهم عدد من الأبراج، والقلاع، أهمها في الجبال المُسَمَّاة فراكسين توم، أو فراكسينه
اطلال القلعه والحصن اللذي بنوه المسلمين في جبل القلال |
بداية نشأه الدوله
نزلوا إلى البر ليلاً وأغاروا على قرية تروبيس، ثم صعدوا في أحد جبال الألب ويسمى موروسMurus، واتخذوا منه قاعدة وبنوا قلعتهم الشهيرة، وبعثوا رسولاً إلى الأندلس يحث الراغبين في الجهاد على الإلتحاق بهم ، فتوافدت عليهم أعداد أخرى من الأندلس ومن شمال أفريقيا فشدوا من أزرهم وتوسعوا جميعاً في غاراتهم
ولم يلبثوا أن سيطروا على معظم الممرات التي تربط إيطاليا ببقية قارة أوربا عبر جبال الألب وبنوا المزيد من الحصون، وغزوا مناطق كثيرة في شمال إيطاليا وجنوب فرنسا وألمانيا وبلغت غزواتهم بحيرة جنيف، وفرضوا الأتاوات على الراغبين في المرور بسلام عبر جبال الألب من الغربيين
وظلوا زهاء خمس وثمانين سنة يشكلون قلقاً شديداً للقوى الأوروبية المجاورة لهم. لدرجة أن أوتِّو ملك ألمانيا وأقوى ملوك أوروبا النصرانية في عصره أرسل عدة سفارات إلى عبدالرحمن الناصر في الأندلس يشكو من غزوات تلك الإمارة الإسلامية ويطلب كف المجاهدين عن غزواتهم لكن عبدالرحمن الناصر اعتذر بأنهم مستقلون عنه وأنه لا سيطرة له عليهم
توسع امارة فرخشنيط
امتدت إمارة فرخشنيط التي أسسها المسلمون، شمالي مارسيليا حالياً، "من ساحل البحر الأبيض المتوسط جنوباً حتى سويسرا شمالاً، وقد ضمَّت شمال إيطاليا وجنوب شرق فرنسا وأجزاءً من سويسرا، ودامت أيامُها من عام 890م وحتى 975م".
ومع وصول المدد العسكري والبشري من الأندلس وبلاد المغرب الإسلامي، بدأت جيوش إمارة فرخشنيط بالتوسع في قلب القارة الأوروبية، فوصلت فتوحاتهم حتى حدود جنوة، وبدأت في النظر تجاه جبال الألب. ومع عام 939 نجحت جيوش فرخشنيط في عبور جبال الألب، وغزو شمال إيطاليا وكذلك جنوب سويسرا.
ومع تقدمه في شمال إيطاليا، اقتحم جيش إمارة فرخشنيط الكنائس والأديرة، مثل كنيسة نوفاليسا، التي هرب منها الرهبان بمجرد معرفتهم بوصول القوة المسلمة، لكن هناك كنائس وأديرة لم يستطع الرهبان الهرب منها، مثل دير القديس جول.
بعض المصادر العربية اللتي اشارة للامارة
قال الإصطخري في المسالك والممالك ص34: وأما جبل القلال فإنه كان جبلًا فيه مياه خَرَّارة، فوقع إليه قوم من المسلمين، فعَمَروه، وصاروا في وجوه الإفرنجة، لا يُقْدَر عليهم؛ لامتناع مواضعهم، ومقداره في الطول يومان
ومع الهجمات المتكررة على الأديرة والكنائس، قرر هيو ملك إيطاليا التدخل وإيقاف المسلمين. وبالاتفاق مع الإمبراطور البيزنطي رومانوس ليكابينوس، وفي عام 941، هاجم هيو جيوش فرخشنيط براً وبحراً
لكن الاضطرابات الداخلية التي شهدتها مملكة إيطاليا أجبرت هيو على توقيف هجومه على فرخشنيط، ليعلن عن هدنة مع إمارة فرخشنيط شريطة أن تحمي الإمارة حدود إيطاليا من المعتدين.
ترك هيو الطريق مفتوحاً أمام جيوش فرخشنيط من أجل السيطرة التامة على ممرات جبال الألب، والتي أقام فيها المسلمون نظاماً مثل نظام رسوم المرور، بحيث أجبرت قوافل الحج المسيحية القادمة من الغرب والشمال على دفع ضريبة باهظة للمسلمين من أجل الوصول إلى روما.
توسع بلغ حد كبير في قلب اوربا
لم يتوقف طموح مسلمي إمارة فرخشنيط عند التحكم والسيطرة على جبال الألب، فوضعوا صوب أعينهم السيطرة على نهر الراين، والذي كان يخضع لسيطرة الإمبراطور الروماني أوتو، الذي كان يتمتع بعلاقة جيدة مع حاكم الأندلس عبد الرحمن الناصر لدين الله
وذكر المؤرخون الأوروبيون أن العشرين رجلًا المذكورين، لما رأوا ما أصابوا من الغنائم في غزوهم في تلك البقاع، أرسلوا إلى الأندلس، فوافاهم مائة رجل آخرون من نفس نمطهم في الشجاعة والإقدام، فاشتدت وطأتهم على تلك البلاد، وصالوا في جميع جهاتها، يُثْخِنون في أهلها، ويضربون عليهم الجِزْيَة، وساعدهم على ذلك ما كان فيه أهل تلك الأنحاء من اختلاف الكلمة، وتَفَرُّق الأهواء
هناك وثيقة تتحدث أن الدُّوق الألماني هرمان المُسَمَّى كونت شورفالسن، التمس من عاهل ألمانيا يومئذ عام 940 م أن يُعَوِّض أُسْقُف شور مما نهبه العرب من ديار أُسْقُفِيَّته.
مجموعه من الغزوات اللتي قاموا بها
كان القديس ماجلوس من كلوني، عائدًا من بافيا إلى بورغوند، ومعه قافلة عظيمة؛ لأن الناس الذين كانوا يريدون العبور، ظنوا أن التحاقهم به قد يحميهم من غارة العرب، فوصلوا إلى قرية في جبل سان برنار، وإذا العرب انقضوا عليهم، وأوثقوهم، ولم يَنْجُ القديس نفسه من الوثاق، بل صفدوه بالحديد، ثم أحضروا له طعامًا على عادة العرب: لحمًا، وخبزًا يابسًا، فأبى أن يطعم شيئًا،وقال لهم: إنني لم أتعود أكل هذا الخبز، فقام أحدهم، وغسل يديه، وعجن دقيقًا، وخبزه، وقدمه للقديس بكل احترام، فرضي هذا من عمله، وصلى، وأكل
هذا ما ذكروه بنصه، وفيه من كرم الأخلاق ما لا يتوفر عند جيوش الدول المتحضرة بزعمها، ولا يتوهم وجود عُشْر مِعْشاره في سجون المدنية الحديثة المزعومة، فما أكرم أخلاق أولئك اللصوص، وما أوفر أدبهم.
ومما يروي أولئك المؤرخون أيضًا: أن أحد العرب أراد أن يقطع غصن شجرة؛ ليتخذ منه مِحْجنًا، فلما أراد أن يتطاول إلى الشجرة، كان تحتها إنجيل من أمتعة القافلة، فأراد أن يدوس عليه، فانتهره أصحابه، وصاحوا به: ويل لك، كيف تطأ برجلك كتاب نبي مقدس؟ وذلك أن العرب يحترمون الأنبياء، ويقولون: إن محمدًا صلى الله عليه وسلم هو النبي الذي وعد بمجيئه المسيح صلى الله عليه وسلم.
اغاراتهم على مناطق نهر الراين
لم يتوقف طموح مسلمي إمارة فرخشنيط عند التحكم والسيطرة على جبال الألب، فوضعوا صوب أعينهم السيطرة على نهر الراين، والذي كان يخضع لسيطرة الإمبراطور الروماني أوتو، الذي كان يتمتع بعلاقة جيدة مع حاكم الأندلس عبد الرحمن الناصر لدين الله.
حيث ورد في كتاب "تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس" أنه قد: "جرت مراسلات وسفارات طويلة بين حكومة الناصر بالأندلس وبين أوتو الأكبر، إمبراطور الدولة الرومانية المقدسة
حول أمر هذه القاعدة… وبيّن الخليفة الناصر للسفير الأوروبي أن حكومته ليست لها أية علاقة ولا أية سلطة على جبل القلال (فرخشنيط)، وأنها لا تتحمل تبعة أعمالها
وبذلك أعطت خلافة قرطبة للسلطات الألمانية مطلق الحرية في اختيار السبل المناسبة لعلاج هذه المشكلة"، ليبدأ العداء المباشر بين إمارة فرخشنيط وأوتو الأكبر وسياق القصتين للمؤرخين الأوروبيين
غزوات كثيرة في قلب اوربا
ومن المرجح أن المصادر الإسلامية لم تتطرق لذكر فرخشنيط كثيرًا لعدم دوامها لفترة طويلة أو لانشغالهم بما كان يدور في الأندلس في ذلك الوقت، على الرغم من أن إقامة دويلة مسلمة في قلب أوروبا وفي وسط العالم المسيحي أمرًا الذي يستحق التوثيق
وتذكر المصادر الأوروبية كيف اقتحم السرسكينيس الكنائس والأديرة، مثل كنيسة نوفاليسا التي هرب منها الرهبان بمجرد معرفتهم بوصول قوات المسلمين، لكن هناك كنائس وأديرة لم يستطع الرهبان الهرب منها مثل دير القديس جول
ومع الهجمات المتكررة على الأديرة والكنائس، قرر هيو ملك إيطاليا التدخل وإيقاف المسلمين. وبالاتفاق مع الإمبراطور البيزنطي رومانوس ليكابينوس، وفي عام 941، هاجم هيو قوات السارسكينيس وكاد أن يحقق النصر بالفعل، إلا أنه لم ينتصر، بل توقف وأعلن الهدنة مع المسلمين شريطة أن يحموا حدود إيطاليا من المعتدين وفي المقابل يتركهم يغيرون على ما يريدون من قرى ومدن وممالك
حنكة كانت لدى مؤسسي الامارة وواتتهم الظروف حينها
استنكر الكثيرون ما فعله هيو، لكن في الواقع كان عرش هيو في خطر، فالملك الألماني أوتو الأكبر القادم من الشمال – والذي يعتبره معظم المؤرخون أعظم إمبراطور للإمبراطورية الرومانية المقدسة كان يفكر في الاستيلاء على إيطاليا وضمها لحكمه
ترك هيو الطريق خاليًا أمام قوات المسلمين فسيطروا على ممرات جبال الألب، ويوضح شكيب في كتابه كيف أنه ومن بعد هذه الحادثة، استقر المسلمون في البلاد التي فتحوها يزرعون الأراضي ويحرثونها، وتزوجوا من أهلها، وكان أمراء تلك الأراضي يرتضون دفع جزية هينة
أما عن ممرات الألب، فأقام المسلمون فيها نظامًا مثل نظام رسوم المرور، لكن هذه الرسوم كانت باهظة، فقلت رحلات الحج إلى روما؛ ووفقًا لكتاب شكيب أيضًا فإن المصادر الأوروبية ذكرت أنه في تلك الفترة كان المسلمون قد وصلوا لمدن نيس وغرونوبل واستقروا فيها
بداية نهاية الامارة اللتي دامت 85 عاما
في الوقت نفسه، ظهر عدو جديد للمسلمين، متمثلًا في قبائل المجريين التي كانت تغير هي الأخرى على ممالك أوروبا، وتذكر المصادر أن الصدام حدث بين قوات المسلمين وقوات المجريين بعد أن قام حاكم برغندي في ذلك الوقت بتشجيع الفرقتين على مواجهة بعضهما البعض، فأخبر المسلمين أن المجريين يطمعون في أراضيهم الخصبة وأنه سيتعاون معهم ليهزم هؤلاء الوثنيين.
وعلى جانب آخر، أخبر حاكم برغندي المجريين أن المسلمين يستأثرون بكل الأراضي الخصبة، وأنه سيتعاون معهم ليتشاركوا خيرات الأراضي سويًا. وما أن التقى الجيشان في المعركة واشتد القتال إذ بقوات ملك برغندي تذبح من تبقى من الفريقين، لتصبح أول ضربة حقيقة للقوات المسلمة!
في 972 اختطف المسلمون رجلًا يدعى مايولوس، تعده الكنيسة الكاثوليكية قديسًا، وطلبت فيه فدية قدرت بألف قطعة ذهبية. كانت هذه العملية هي القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة للمسيحيين، فقرروا أن يتحدوا للتخلص من المسلمين نهائيًا.
نهاية امارة جبل القلال في جبال الالب
وتخبر بعض المصادر عن خيانة رجل يسمى أيمون لرجال حصن فرخشنيط، مما سهل هزيمتهم من قبل القوات المسيحية وبعد الهزيمة لم يكن مصير المسلمين في بروفانس سوى الموت أو الاستعباد أو النفي كذلك كان الحال بالنسبة لباقي المسلمين الذين سكنوا في إيطاليا وفرنسا وسويسرا حينما كانت
وكانت نهاية هذه الإمارة الإسلامية العجيبة بسبب ماحدث ليلة السادس من شوال سنة ٣٦١هـ/٢١ يوليه ٩٧٢م، عندما أسر المجاهدون المسلمون عددا كبيراً من الزوار الغربيين كانوا عائدين من روما إلى فرنسا عبر أحد ممرات جبال الألب
وكان على رأس أولئك الأسرى رئيس دير كلوني مايول Maiolud Of Cluny,، ولم يطلق المسلمون سراح مايول وأصحابه إلا بعد دفع فدية كبيرة وكان لتلك الحادثة دوي هائل في الغرب ، لا سيما في برجنديا وبروفانس، فتقدم المحاربون من تلك المناطق وغيرها وهاجموا إمارة فراكسينتوم، وبعد حرب ضروس دامت ثلاث سنوان قطع خلالها العبيديون في شمال افريقيا المدد البشري عن هذه الإمارة وتمكن المحاربون الفرنسيون من اقتحام تلك القلعة في سنة ٣٦٤هـ/٩٧٥م وقتلوا معظم المسلمين من أهلها ومن بقي على قيد الحياة فقد تعرضوا للإسترقاق وأُجبروا على التنصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اترك تعليق لتشجيعنا على الاستمرار دمتم بكل خير مع تحيات شبكة زينو ياسر محاميد