نعم كلنا نتحمل المسؤولية عن انتشار ظواهر الخطف والسلب والاجرام والانحراف السلوكي وأول من يجب أن يتحمل المسؤولية هم أصحاب القرار والنخب التي تدعي التمسك بمنظومات ايديولوجية تبين أنها مجرد شعارات فارغة لافاعلية لها في المجتمع أو التأثير على بناء اجتماعي سليم ومتماسك
والملفت مع كل صحوة فجر نستيقظ على جريمة غاية في الدناءة والسفالة وانعدام الضمير وهذا الفعل الإجرامي لم يهبط من السماء بل له مولداته من داخل المناخ الاجتماعي السائد وبصراحة المجتمع الاستنقاعي الفاسد المهزوم المختل لاينتج إلا الارتكاب والفحش في السلوك وبدلا من أن نعرض الجرائم على السوشل ميديا علينا أن نبحث بكل مسؤولية عن أسباب الانخرافات العنيفة المتوحشة فمجتمعنا فقد منظومة القيم السليمة وشاعت فيه كل القيم السلبية المنحطة بل والبعض يتفاخر بوصوله إلى غايات دنيئة ويتعالى على الجميع بعد أن يستحوذ على المغانم والمكاسب والامتيازات وكل الوسائل الميكافيلية متاحة له وتبرر له كل أفعاله القذرة بهدف الوصول إلى اهدافه ومقاصده الذاتية المتضخمة المريضة لذلك مشكلتنا هي بنفوسنا وسلوكياتنا واطماعنا التي لم تؤدي إلا إلى مزيد من الخراب والتدمير
ولاتقبل التبريرات حتى لو تم التذرع بالضغوط والظروف والصراعات وفقدان الآمال والشيء المطلوب هو المسارعة برأب التصدع الاجتماعي وتعميم منظومات حقوقية لكافة المكونات الاجتماعية وتعزيز قيم الخير والمحبة والتسامح وضرب رموز الفتنة والدسيسة وبث التفرقة والاحقاد ومحاسبة كل من تسبب بنشر ويلات الفقر والتجويع والنهب واستعادة الاموال من اللصوص واعادة توزيعها بعدالة وعدم السماح لانتشار رجال التشليح والتشبيح والتسلط على الناس فهؤلاء قدوة لكل منحرف كي ينشر العنف والتطرف وبما يحقق له مصالح حقيرة ضيقة على حساب تخريب النفوس وفك عرى التلاحم والتواصل الاجتماعي
تجّار الأزمات بين الجشع والطمع وأهل الإيمان بين القناعة والورع
كان السلفُ الصالح يتعاملون مع الناس في الأزمات بطريقة مثالية وأخلاقٍ عالية ، فـــــ ( عن بعض السلف رحمه الله تعالى : أنَّه كان بواسط فجهَّز سفينة حنطة إلى البصرة ، وكتب إلى وكيله، بِعْ هذا الطعام يوم يدخل البصرة، ولا تؤخِّره إلى غدٍ، فوافق سعة في السعر ، فقال له التجَّار: لو أخرته جمعة ربحت فيه أضعافه، فأخره جمعة، فربح فيه أمثاله وكتب إلى صاحبه بذلك، فكتب إليه صاحب الطعام، يا هذا، إنَّا كنَّا قنعنا بربحٍ يسيرٍ مع سلامة ديننا، وإنَّك قد خالفت، وما نحبُّ أن نربح أضعافه بذهاب شيءٍ من الدين، فقد جنيت علينا جناية، فإذا أتاك كتابي هذا فخذ المال كلَّه فتصدَّق به على فقراء البصرة، وليتني أنجو من إثم الاحتكار كفافاً ، لا عليَّ ولا لي ) .
" إحياء علوم الدين " ، كتاب آداب الكسب والمعاش ، القسم الأول فيما يعم ضرره ... إلخ ، 2/93 .
ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء
لم تبق سوى طبقة العاملين والموظفين والمدرسين
والمستخدمين هي الفئة التي ضربها سندان الفقر بمطرقة الغلاء
وكشف سترها قلة ذات اليد وشحيح الدخل المحدود ..
أما الباعة والتجار وأصحاب المحلات وسدنة المطاعم وأصحاب المهن ومعلمو الحرف والصناعيون ...فقد جرى النقد بين أيديهم وتكدس الذهب في خزائنهم وصب المال في صناديقهم فدخولهم وعائداتهم وأرباحهم قد أصبحت كالخيال بحسب سعر الصرف
ساعة فساعة ، ويوما فيوم ..فالبائع الذي كان يربح بالسلعة عشرةأصبح يحتكرها اليوم .. ثم يربح بها ألف والصانع الذي كان يركب لك الجرس او الصنبور أو يصلح لك المدفأة أو المروحة بألف
أصبح لايرضى اليوم بأقل من عشرين وثلاثين ألفا ..والمؤجر الذي كان يقبل بضعة ٱلاف في المنزل أصبح بعد تقبيل الأيادي يتكلم بمئات الألاف ؟؟وحتى الضرائب المالية والرسوم المحلية
والقيود والجوازات والمعاملات والأوراق الرسمية
والفواتير الخدمية تكاثرت وتوالدت ثم تضاعفت أضعافا كثيرة ..
وهذا حال مفروض أليم ، وواقع منظور مرير ..ولا يمكن أن يخففه كثرة الشكوى في الليل والنهار ..ولا يمكن أن تغيره المواقع الاجتماعية ولا التقارير الصحفيةولا يمكن أن يبدله الضيق والتبرم واللقاءات الأهلية وليس لهذه الفئة البائسة المنكوبة المسحوقة
من أصحاب الدخل المحدود الممحوق سوى إعادة النظر في أحوالها وتحميل ضعفها وفاقتها ومسكنتهابكل أريحية ومحبة وقبول على ماسواها من الفئات و التي أصبحت ثرية على حسابها
أو على الأقل لم تتأثر بموجات الغلاء الأسطورية أو حلول أيام البلاء الكارثية ..إنها نداءات التلاقي والتعاطف والتراحم ..
والله الذي كتب على نفسه الرحمةيدعونا إلى رحمته الشاملة الغامرةبإفشاء الرحمة فيما بين الناس ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اترك تعليق لتشجيعنا على الاستمرار دمتم بكل خير مع تحيات شبكة زينو ياسر محاميد